ماذا خسرنا بتسمية بلادنا باسم "السعودية" ؟!

يعتبر اسم "السعودية" - الذي أطلق على بلادنا بعد سلسلة من التسميات السابقة له - اسما مميزا في دول العالم حاليا؛ فهو ينسب البلد والشعب للأسرة الحاكمة. فما الآثار المترتبة على هذه التسمية الغريبة على الشعور الوطني للمواطنين "السعوديين" ؟!


أثارت دراسة أجريت قبل سنوات قلق المسؤولين في البلد؛ حيث أثبتت أن ولاء المواطنيين السعوديين للوطن يأتي رابعا بعد ولائهم للدين والقبيلة والمنطقة!! وذلك خلافا لكثير من البلدان العربية التي تجد فيها الاعتزاز بالوطن يضاهي الانتماء (القبلي) على الأقل! فالشمري العراقي لا تستطيع أن تجزم بأي هذين الانتمائين يعتز أكثر، بينما تكاد تجزم أن الشمري السعودي يعتز بانتمائه لشمر أكثر من اعتزازه بانتمائه للسعودية!!

فكان من آثار هذا النقص الولائي أن نشط التركيز على (الوطنية) في الإعلام والتعليم في أسلوب بليد لم يحاول أن يفهم أصل المشكلة قبل أن يعالجها بالطرق التقليدية البايتة!! لكن عشر سنوات من التركيز الإعلامي والتعليمي لم تنتج شعبا أكثر ولاء، بل الواقع (بناء على الملاحظة الشخصية على الأقل) يقول إن السعوديين كانوا قبل عشرين سنة أكثر اعتزازا بانتمائهم السعودي منهم الآن!!


فعلا! لماذا تجد أن المصري مهما كان مسحوقا يتهدج صوته حينما يقول "مصر!"، لماذا تسمع رنة الفخر في العراقي إذا رفع صوته قائلا "العراق"، وقس عليهما التونسي واليمني والمغربي وحتى السوداني!!

لماذا (يفخر) العرب بأوطانهم أكثر مما نفعل ؟! والفخر بالوطن - كما أعتقد - أهم أركان الولاء له..


قبل أن أجيب، سأعيد عليكم قصة مشهورة حصلت لمحمد عبده أضحكت عليه العالم العربي كله، أتذكرون حينما قال في معرض اعتزازه بانتمائه السعودي إن رسول الله (سعودي)! ضحك الجميع عليه وأول من ضحك عليه السعوديون... وبكيت أنا ...


لماذا يستطيع أن يقول المصري بكل فخر إن الفراعنة بناة الأهرام كانوا مصريين؟!!

لماذا يقول العراقي إن حمورابي والآشوريين والبابليين والرشيد والمأمون عراقيون ... ويمد بها صوته؟!!

لماذا حينما يتغنى نزار قباني بانتمائه السوري نجده يتغنى بأمية المرفوعة راياتها والتي جيادها موصولة بجياد؟!!

لماذا ولماذا ولماذا ؟!! ثم حين آتي أنا وأنت لا نستطيع أن نزعم أننا نتشارك الوطن مع من هم أعظم من السابقين كلهم!! الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وأبناء جزيرتنا العربية أنشؤوا حضارة لها في قلوب الناس كلهم مكانة أكبر من السابقين كلهم!! لكني لا أستطيع أن أقول إني سعودي والرسول أو أبو بكر أو عمر أو عنترة العبسي أو امرؤ القيس أو زيد الخيل أو مالك بن أنس أو .... سعودي مثلي أيضا !!!

هذه التسمية أفقدت بلادنا عمقها التاريخي مع أنها من أثرى بلدان العالم تاريخيا، ولطالما كان الانتماء التاريخي للبلدان أعظم أثرا في الولاء من الانتماء الحاضر؛ لأن الناس في الحاضر ترى الجيد والسيء فيلغي أحدهما الآخر، أما التاريخ فالشعوب جبلت على ألا ترى فيه إلا كل جميل ...


لذا لا ألوم السعوديين إن اختاروا أن يفتخروا بقبائلهم أو أقاليمهم أكثر من الوطن بمجمله؛ فالأولى امتدادها التاريخي يصل لآلاف السنين، بينما التالية تجعل الناس يضحكون عليهم إن قالوا إن الرسول (سعودي) !!



نقطة أخيرة:

أتوقع أن يقول أحد إنه لا يوجد خيار آخر لتسمية البلد، فهي قارة مترامية الأطراف تضم أقاليم مختلفة ... إلخ

وهذه حجة لا تصمد للنقاش الواقعي؛ فلا يوجد أي بلد في العالم العربي على الأقل ينطبق اسمه التاريخي على حدوده المعاصرة، بل الغالب أن يغلب اسم جزء منه على الباقي، فمصر تاريخيا لا تشمل مناطق ضخمة من مصر الحالية، واليمن تاريخيا تشمل أجزاء ضخمة من السعودية، وتضم أجزاء كبيرة ليست من اليمن التاريخية (مثل حضرموت)، والعراق التاريخي لا يشمل غرب العراق كله، ولا يشمل جبال كردستان... إلخ

فمن الممكن أن تسمى الدولة باسم أحد أقاليمها (وليكن الحجاز مثلا)، أو أن تسمى باسم جزيرة العرب باعتبارها تحتل الغالبية العظمى من جزيرة العرب التاريخية...


وشكرا لقرائتكم ...

م/ن

يعطيكـ الف الف الف عافيه يارب ع الموضوع الحلوو
لا عدمنــآ هـ التميز يارب شاكر
ـ هـ المشـآركهـ الحلوهـ
^ـ* مودتي