ادوية المستقبل
مع تقدم العلوم الطبية في جميع مجالاتها ، يزداد بوضوح اكثر المعركة الشرسة التي يخوضها جيش العلماء والباحثون في هذا المجال ضد الامراض ، حيث يحاولون في كل عام احراز بعض التقدم في سبيل الوقاية ومنع انتشار وتفاقم الامراض . وعلى الرغم من ذلك فما زالت الانجازات البشرية بعيدة جدا عن تحقيق الانتصار في اي من الامراض . صحيح ان هناك العديد من الادوية والعلاجات التي نجحت في انقاذ البشرية من الموت نتيجة امراض خطيرة كبعض الامراض الوبائية كالجدري والسل وشلل الاطفال والتيفوئيد ، والامراض الجسدية كالسكري وارتفاع ضغط الدم ، والامراض النفسية كالفصام والاكتئاب .
الا انه مع ظهور عوامل اخرى كالتلوث البيئي والاشعاعي ، وانتشار انواع واجيال جديدة من الكائنات الدقيقة كالفيروسات ، ومقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ، والجهل الصحي ، وانتشار الفقر ، يواجه مصاعب اكثر في ايجاد الحلول لتلك المشاكل المتمثلة في انتشار المزيد من الامراض وظهور انواع جديدة ، لم يكونوا يعلمون عنها شيء في السابق وليس لديهم معرفة في كيفية التعامل معها . الا انهم مع ذلك يحاولون ايقاد شمعة لتضيء بقعة في وسط هائج من الامراض والعلل .
في كل عام يتمكن العلماء من اكتشاف عدد كبير من المواد الفعالة ، الا ان الحاجة لسنوات طويلة من البحث والدراسة يكون عائقا امام ظهور مثل هذه الادوية ، الا ان المستقبل يبشر بالموافقة على عدد كبير من هذه الادوية ، والتي يأمل ان يكون لها دور فعال في علاج العديد من الامراض ، وتؤكد احدى الدراسات ان هناك اكثر من 2000 دواءا حاليا ، لعلاج مايقارب 800 مرض ، في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية ، وهي مرحلة متقدمة في عملية انتاج الدواء. وان هناك عدد كبير جدا من المواد الاخرى ما زالت في المراحل الاخرى للتجارب . علما انه في العام 2004 تم الموافقة على 38 دواءا جديدا لعلاج انواع متعددة من الامراض ، كالسكري وانواع من مرض السرطان والفشل الكلوي والارق والشلل الرعاش ( باركنسون ) والاكتئاب ، بالاضافة الى التطوير الحاصل على الاشكال الموجودة اصلا.
وما زال الطريق مفتوحا ، ومازالت المؤسسات العلمية وشركات الدواء تتسابق في انتاج مثل هذه العقاقير في محاولة للتغلب على الامراض ومساعدة البشرية . وهناك الكثير من التجارب التي تجري حاليا لانتاج الادوية ، حيث يجرب حاليا اكثر من 158 دواءا جديدا للاطفال ، تتعلق بامراض مختلفة منها السرطان والربو والصرع والسكري والايدز والاورام الجينية . كما ان هناك مايقارب 400 دواء جديد قيد التطوير لعلاج الامراض السرطانية المختلفة ، وعدد مقارب لعلاج الامراض الجرثومية ، وخصوصا الامراض التي تسببها الفيروسات .
ربما يأخذ البعض سبب تأخر ظهور مثل هذه الادوية ، على الرغم من هذا التطور الكبير في الدول المتقدمة ، الا ان هذا التأخر له سببه في كثير من الاحيان ، فأكتشاف اي مادة جديدة او عقار جديد لابد ان يمر بمراحل عديدة قد تستغرق خمسة عشر عاما ، في سبيل التأكد من فعالية وسلامة وحدود عمل الدواء والامراض التي يشملها . فمثل هذه المواد قد تبقى مايزيد عن عشر سنوات بين جدران المختبرات والمراكز البحثية والمستشفيات للبحث عن المادة الفعالة ، واجراء الالاف التجارب المخبرية على الحيوانات والخلايا المعزولة ، وعدد كبير اخر من التجارب على عدد قليل من المرضى ، ثم تكبير عينة العدد ، الامر الذي يستغرق عشرات السنين حتى يتم التأكد من الدواء ويعترف به . مع متابعة مستمرة للدواء في السوق ، وقد يتم منع بيعه بعد اعوام بسبب اكتشاف اثر جانبي او عكسي لم يسجل ، كما حصل مع الكثير من الادوية ، واخرها العلاج المعروف بأسم سيليبركس .
سنحاول هنا النظر من منظار متفائل من خلال رؤية بعض الانجازات الصيدلانية التي بدأ تسويقها او سترى النور خلال الاشهر القادمة .
الصيدلة الجينية و الدواء الشخصي
تقنية جديدة ستدخل الى عالم الصيدلة متمثلة بما يسمى بالنوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال (“SNP” Single Nucleotide Polymorphisms) ، التي تقوم على تميز الفروقات الجينية التي تميز الافراد في استجابتهم للادوية ، والذي هو عبارة عن الاختلافات في سلسلة الحامض النووي ( DNA ) ، التي تظهر نتيجة فقدان او تغير موقع احد النيوكليوتيدات ( ادنين A ، او سايتوسين C ، كوانين G ، تيراسين T ) في السلسلة الجينية . وبالتالي تكوين سلاسل مختلفة تؤدي الى تغير في نوع البروتينات المصنعة داخل الخلايا ، او تؤدي الى عدم انتاج هذه البروتينات ، التي تؤثر في الوظائف الحيوية للخلايا والمواد المنتجة كالانزيمات .
سيكون لهذه التقنية الكثير من التطبيقات ، منها المساعدة في الاختبارات الدوائية التي تجري لاثبات درجة فعالية وامان الدواء ، من خلال التعرف على الاشخاص الذين لديهم اختلاف جيني معين يؤدي الى عدم استقلاب الدواء ، مما يؤدي الى حدوث حالة من فرط الجرعة (Overdose) ، او استقلاب سريع يؤدي الى نقص في فعالية الدواء .
الا ان اهم هذه التطبيقات سيكون في تصميم الدواء الشخصي ، من خلال تقنية النوكليوتيد المفرد متعدد الاشكال ، حيث سيتم تحديد الاشكال الجينية المختلفة للافراد من خلال تحليل جيناتهم ، وبالتالي تصميم دواء يكون مناسبا لمثل هؤلاء المرضى .
يضاف الى ذلك استخدام هذه التقنية في تحليل الانزيمات المسؤولة عن استقلاب الكثير من الادوية جينيا ، بحيث يتم التعرف على المرضى الذين ستحدث لديهم الاثار الجانبية او العكسية نتيجة اخذهم للدواء ، ومحاولة التقليل من الجرعة في حالة عدم وجود علاج اخر ، او تغيير العلاج اذا كان ذلك متوفرا .
ادوية عنصرية
بدأت الان مرحلة جديدة في عملية انتاج الدواء ، حيث رخصت إدارة التغذية والأدوية الأمريكية دواء جديدا لمعالجة أمراض القلب أثار جدلا لأنه مرخص بشكل رئيسي للمرضى السود . ويمثل هذا الدواء ظاهرة جديدة في عالم انتاج الدواء لما يحمله من تقدم كبير في انتاج الدواء المتخصص . حيث اثبتت الدراسات والابحاث ان سبب زيادة اصابة السود بأرتفاع ضغط الدم راجع بشكل كبير الى الطبيعة اجسامهم والاختلاف البسيط في بعض العمليات الحيوية التي تجري فيها ، على الرغم من تأكيد البعض ان لاوجود لمثل هذه الفوارق .
ويعالج الدواء الضعف في القلب الذي يؤثر على قدرته على ضخ ما يكفي من الدماء إلى أنحاء الجسد. ويعتبر دواء "بيديل" الأول ، والذي تم ترخصيه مؤخرا و يحصر استعماله في مجموعة عرقية معينة ، اتجاها جديدا لادوية معدة للحاجات الخاصة حيث يساعد الدواء بعض المرضى وليس جميعهم . يذكر أن بيديل يجمع دوائين آخرين مستخدمين لمعالجة أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم ( هما ايزو سوربيد داي نايتريت (isosorbide dinitrate ) والهيدرالازين (hydralazine )) ، ولا يعرف الأطباء تماما كيف يعملان مجتمعين . ومع أن الترخيص أتى للسود فقط ، فأن للطبيب الحق في وصف الدواء لأي مريض يعتقد أنه قد يستفيد منه.
بالاضافة الى عدة ادوية تتم عليها التجارب حاليا ، منها دواء لعلاج مرض الايدز، اثبتت الابحاث والتجارب الجارية عليه انه اكثر فعالية في معالجة اصحاب البشرة السمراء والاسيويين . حيث وصل نسبة نجاحه لدى السود الى 78 %، بينما لدى المرضى من العرق الاسيوي الى 67 % . وبمعدلات اقل بكثير لدى الاعراق الاخرى .
الانسولين عن طريق الشم
مثل التخلي عن الحقن ، والاتجاه الى طريق غير مؤلم في اعطاء الانسولين حلم راود العديد من العلماء والاطباء ، وامل انتظره المصابين بمرض السكري ، والذين يعتمدون على الانسولين في حياتهم ، والذي يعتبر الاكثر فعالية في علاج السكري . وقد قارب هذا الامل عى التحقق ، فلن يطول الزمن حتى يتم انتاج وتسويق الانسولين عن طريق بخاخ (Inhaler) ، لشم الانسولين بدل من حقنه .
كانت المشكلة الرئيسية التي تواجه اعطاء الانسولين عن غير طريق الحقن ، هو تحطمه في الجهاز الهضمي نتيجة الحامض المعدة والانزيمات الهاضمة لو اخذ عن طريق الفم ، او مشاكل تتعلق بقلة امتصاصه او تحطمه لو اخذ عن طريق الشم ، او بشكل لصقات على الجلد ، الا ان مشكلة انتاجه بشكل قابل للشم كان اقل هذه الطرق صعوبة ، وكانت تمثل نقلة نوعية في طريقة تناوله . وبدأ فعلا العمل على مثل هذا المشروع وهو في مراحله الاخيره ، وسيسهل نجاح الانسولين عن طريق الشم على ملايين المصابين بمرض السكري ، تناول هذا الدواء الحيوي بالنسبة لهم. الا انه مع ذلك فستستمر المحاولات لايجاد طرق اخرى، علما ان من المشاكل المطروحه والتي ستستمر الشركة المنتجة في دراساتها حتى بعد انتاج هذا الدواء، هي تأثيرات الانسولين على الرئتين، والمشاكل التي يمكن ان تحصل نتيجة ذلك ، وتأثيراته على الاطفال والمدخنين. كما تواجه مشكلة تناوله من قبل مرضى الجهاز التنفسي كالمصابين بمرض الربو ، والالتهاب الرئوي المزمن .
القرص المعجزة
حلم يأمل العديد من الاطباء والعلماء الوصول اليه ، فتتم حاليا الدراسات النهائية على العديد من التجارب التي تتضمن انتاج قرص دوائي لعلاج عدة امراض ، بحيث يمكن للمريض استعمال قرص واحد لعلاج عدة امراض بدلا من استعمال قرص او اكثر لكل مرض .
واول خطوات هذا المشروع جاءت من تطوير قرص يأمل العلماء في استخدامه للوقاية من العديد من الأمراض وعلى رأسها الأزمات القلبية والسكتات الدماغية وضغط الدم. وهذه الامراض عادة تصيب وبشكل مجتمع الكثير ممن هم في العقد الخامس من العمر. سيقلل مثل هذا العلاج من التكاليف والاثار الجانبية للادوية ، كما سيسهل على المريض تناول الدواء . ويمكن ان يخفض مثل هذا القرص من الاصابة بالكثير من الامراض السابقة بنسبة تزيد عن 80% . ومكونات القرص هي الأسبرين الذي يخفض من لزوجة الدم ، ومخفض للكولسترول، وثلاثة أنواع أخرى من العقاقير المخفضة للضغط بالاضافة إلى حمض الفوليك ، وحامض ب 12. وتقول التقديرات إن واحدا من بين ثلاثة أشخاص قد يعيشون لمدة تزيد على 20 عاما دون الاصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية خلال فترة تعاطيهم للقرص . ويقول الباحثون إنه بإمكان مرضى ضغط الدم العالي والقلب والسكري أن يتعاطوا هذا القرص لتفادي تفاقم حالاتهم. ويمكن لهذا القرص أن يساعد في تقليل ضغط الدم ومستوى الكوليسترول . كما يمكنه أيضا أن يقلل من مستويات مادة كيماوية في الدم تعرف باسم ( هوموسيستين ) يمكن أن تنشأ في مجرى الدم ، وتلعب دورا في حدوث مشاكل تتعلق بامراض القلب .
سرعة القذف
مشكلة اخرى تشغل بال الكثير من الرجال ، حيث يعتبرها البعض مرضا ، وقد طرحت العديد من العلاجات النفسية والدوائية ، من مراهم وبخاخات مخدرة موضعيا وحبوب توصف لحالات الاكتئاب لعلاج مثل هذه الحالة ، الا ان نسبة الرضا عنها لم تكن عالية او لم تكن مقبولة في كثير من الاحيان .
وقد اشارت العديد من الدراسات الى ان مشكلة سرعة القذف هي أكبر مشكلة يعاني منها الرجال ضمن مشاكل الأداء الجنسي لهم ، فوفق ما تذكره رابطة أمراض المسالك البولية الأميركية فإن ما بين 27% - 34% من الرجال البالغين في الولايات المتحدة يعانون من سرعة القذف مقارنة بحوالي 12% من الرجال يعانون من ضعف الانتصاب.
وهناك العديد من العوامل التي تتحكم في هذه العملية ، والتي يصفها الاطباء بأن معظم الناس يفكر في البعد الزمني لهذه المشكلة ، بينما لابد من التأكيد على أهمية العناصر الأخرى كالإحساس بالتحكم والرضا النفسي بعد العملية الجنسية ، إذ هما جانبان مهامان يجب وضع الأولية لهما في العلاج وتقويم مدى نجاحه . وقد تم وضع تعريف لمثل هذه الحالة بأنها فعل يتكرر أو يستمر بصفة مزمنة بشكل أسرع مما هو مرغوب فيه إما قبل دخول عضو الرجل الى مهبل المرأة أو بعد ذلك بقليل ، وفي غالب الأحوال يستغرق ذلك دقيقتين أو أقل وحينما يكون الرجل إما فاقداً السيطرة أو يملك سيطرة ضعيفة على توقيت القذف .
يتم الان التجارب النهائية على أهم تطور ستشهده علاج هذه الحالة ، والذي ينظر الأطباء إليه أنه يوازي في الأهمية ، بل يفوق ظهور الأدوية المنشطة والمعالجة لضعف الانتصاب كالفياغر ، بالنظر إلى ارتفاع نسبة حالات سرعة القذف بما يفوق بمراحل حالات ضعف الانتصاب إضافة إلى أن الإصابة به تشمل حقيقة كبار وصغار السن . العقار الجديد والمسمى «دابوكستين» يبشر بنتائج مرضية ، ويتأمل ان يكون له اثر كبير في علاج او التقليل من مشكلة سرعة القذف ، مع اثار جانبية قليلة جدا
ويمثل مثل هذا العلاج أولى الخطوات السليمة التي تعيد ترتيب تفاعل الدماغ مع مراحل العملية الجنسية وبما يمكّن المرء من السيطرة على توقيت القذف بطريقة معقولة ومرضية له ولشريكته ، بعيداً عن الحلول النفسية أو العلاجات الموضعية. وينتظر الأطباء إجازة استخدام وتصنيع هذا الدواء والمتوقع حسب بعض المصادر الطبية أن يكون في الاشهر القليلة القادمة .
علكة الفياغرا
حصلت احدى الشركات على براءة اختراع لانتاج عقار الفياغرا بشكل علكة ، مما يعطي المزيد من النشاط لممارسة الجنس ، وسهولة الحصول على المفعول ، الذي يحتاج الى دقيقتين فقط للمضغ قبل نصف ساعة من الممارسة الجنسية . وتحتوي هذه العلكة على خمسة غرامات من المادة الفعالة " سترات السيلدينافيل " . الا ان اصحاب حق الاختراع يتوقعون عدة سنوات قادمة لانتاج مثل هذه العلكة .
الفياغرا النسائية
سؤال يتردد بشكل مستمر ، اذا استطاع العلماء اختراع عقار مقوي جنسي للرجال اثبت فاعليته وسلامة استخدامه ، فلماذا لم يستطيعوا تطوير عقار خاص للنساء . الاجابة بشكل مبسط ستكون بسبب الفروق الحيوية والجسدية للمرأة عن الرجل ، بالاضافة الى التعقيد الكبير في العملية الجنسية لدى المرأة ، حيث أنّ الدماغ يعتبر عاملا أكثر أهمية ، لان العامل النفسي يساهم بنسبة كبيرة في الضعف الجنسي . الا ان ذلك لم يقف حائلا اما العلماء ، فأخذوا يبذلون جهودا مستمرا لانتاج مثل هذا العقار ، خصوصا مع الارباح الهائلة التي حصدتها العقاقير الجنسية الرجالية . وقد اقترب فريق من العلماء فعلا من انتاج دواء يثير الرغبة الجنسية لدى السيدات.
سيتمثل الفرق الاساسي بين النوعين في كون اغلب العقاقير الجنسية المخصصة للرجال تعمل على توسيع الشرايين والأوعية الدموية لدى الأعضاء التناسلية للرجال ، فيما سيكتفي الدواء الجديد ، في حال التأكد نهائيا من النتائج ، بإثارة النسيج العصبي في دماغ المرأة والمسؤول عن الرغبة الجنسية .
من جهة اخرى تجرى التجارب حاليا على عقار مشابه للهرمون الذكري ، والذي يزيد من الرغبة الجنسية لدى النساء وخصوصا من تجاوزن الاربعين من العمر . وقد اثبتت التجارب أن النشاط الجنسي للواتي استعملن لصقات تحتوي على هورمون التستوستيرون ، ارتفع أربع مرات مما كان عليه قبل استعمالها . ويرى أخصائييو الطب النسائي أن هذه اللصقات ، مرشحة لموازاة حبوب الفياغرا لدى الرجال ، بعد الإنتهاء من التجارب ، والتأكد من عدم تسببها لآثار جانبية . واثناء التجارب اثبتت هذه اللصقات زيادة الرغبة الجنسية بشكل مذهل ، بالاضافة الى ان النساء اللواتي خضعن للتجربة ، شعرن بحيوية وفرح أكثر ، وبيأس وإحباط اقل ، اي ان الحالة النفسية تحسنت لديهن بشكل كبير . ومعروف أن عدم اهتمام النساء بالجنس في هذه المرحلة من حياتهن يؤثر سلبا على نفسيتهن ، ويتسبب لهن بنوع من الإحباط، وغالبا ما يؤدي الى انهيار علاقاتهن الزوجية. ونذكر أن هرمون التستوستيرون هو المسؤول ، الى حد بعيد ، عن الطاقة البيولوجية والرغبة الجنسية لدى المرأة ، وهي مادة يفتقرها جسمها في مرحلة ما يعرف بسن اليأس . ولا ينصح الأطباء بتناول حبوب التستوستيرون ، رغم فاعليتها ، لأنها قد تتسبب بنمو كثيف للشعر في أماكن غير مستحبة.
ادوية جديدة توجه صفعة للإدمان
من المرجح ان يكون سلاح المستقبل في مجال الحرب على المخدرات هو المخدرات نفسها ، فالباحثون متفائلون بشأن مجموعة من الادوية الجديدة التي تستهدف الدورة الكيماوية للادمان . وبعضها تمنع اللذة والبهجة المكثفة التي تجعل مخدرات مثل الهيروين مغرية بينما يهدأ البعض الاخر من التأثيرات التي تحصل في الدماغ خلال انسحاب المخدر واستعادة التوازن . وستكافح هذه الادوية واحدة من اكبر المشاكل في العلاج ، وهي ان المدمنين للمخدرات غالبا ما يرفضون تعاطي او تناول اي شيء يمنع عنهم الشعور بالمعنويات العالية والبهجة. بالاضافة الى افكار اخرى يعمل عليها مجموعة من الباحثون باختبار امصال تعلم الجسد ان يتعامل مع المخدرات المحظورة كميكروبات غازية .
ويقول خبراء علاج الادمان ان التقدم في علوم الدماغ ـ وخصوصا تصوير الدماغ ـ قد ادى الى اختبار ادوية واعدة اكثر من ذي قبل . وعلاوة على ذلك ، فان هذه المعرفة العلمية البازغة تكشف عن مزيد من الاهداف لادوية المستقبل . تعمل هذه العقاقير بشكل مباشر على تقليل الاثار الحاصلة نتيجة الامتناع عن المخدرات او الكحول ، والحاصلة نتيجة خلل في النواقل الكيميائية والمستقبلات في الدماغ ، والتي لها علاقة مباشرة بالادمان .
وكل هذه الجوانب والنواحي للادمان تشير او تنبئ عن اهداف ممكنة للعقاقير المضادة للادمان . ويولي الباحثون ايضا مزيدا من الاهتمام بالموروثات (الجينات) فليس كل من يجرب عقارا لعلاج الادمان يصبح معتمدا عليه ، وهذا يرجع جزئيا الى العامل الوراثي . وحتى المدمنين يمكن ان يكونوا مختلفين تماما. وسيمكن هذا الاطباء في المستقبل من معرفة العلاج المطلوب بناءا على معطيات المريض .
حرب في مواجهة السرطان
يسعى العلماء لاستعمال وسائل جديدة لمحاربة مرض السرطان ، وبدؤا باعتبار هذا المرض هو العدو الاكبر للبشرية ، فأخذوا بأستخدام اسماء المعدات العسكرية لمحاربة مثل هذا المرض ، فمن الرصاص السحرية ، والقنابل الذكية .
من اخر النجاحات التي تمكن العلماء من الوصول اليها ، هي تطوير كبسولات صغيرة خاصة توضوع داخلها المادة الفعالة لقتل الخلايا السرطانية ، وتتكون من جسيمات ذهبية دقيقة مرتبطة بأجسام مضادة خاصة بالورم السرطاني ، وتتم عملية تفجير الكبسولات لدى تجمعها بشكل كافي عند خلايا الورم السرطاني ، عن طريق توجيه نبضات من شعاع الليزر يولد حرارة كافية لاذابة الذهب ، مسببا تدميرا للخلايا السرطانية من دون الحاق اذى بالانسجة والخلايا السليمة ، مما يقلل من الاخطار والاثار الجانبية لمثل هذه الادوية .
دواء لعلاج الاثار الجانبية للعلاج الكيميائي
أقرت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية علاجا جديدا لتخفيف التأثيرات الجانبية للعلاج الكيميائي ، وتعزز فعالية هذا النوع من العلاج الخاص بعلاج سرطان الاورام الصلبة ، ومنها سرطان الثدي . ويعتبر هذا العلاج الأول في مجموعة جديدة من الأدوية ، ويعرف بأسم ابراكسان (Abraxane) ، ويعمل هذا الدواء على التقليل من المواد التي تسبب تسمم الخلايا السليمة عن طريق الربط مباشرة بين المكونات الفعالة للدواء والجزيئات البروتينية المجهرية في مجرى الدم ، مما يخفيف من التأثيرات الجانبية المضرة المحتملة . وتفيد المعلومات الطبية إلى كون هذا الدواء لايحوي على مركبات سامة ، مما سيمكن الاطباء من زيادة كمية الجرعات الكيماوية إلى أكثر من 50 % ، مما كانت عليه دون المخاطرة بسلامة المريض . ويتميز هذا النوع من الأدوية بأنه لا يتطلب تحضير المريض مسبقا لتجنب ردود الفعل التحسسية المحتملة عقب استخدامه ، ويمكن أن يعطى خلال مدة زمنية تصل إلى 30 دقيقة عن طريق الوريد.
انتاج البروتينات
البروتينات المقصودة هنا ليست التي تأتي في الطعام ولا تلك التي يستعملها الرياضين لبناء العضلات ، بل البروتينات العلاجية ، فكما هو معروف فأن هناك العديد من الامراض التي تحدث نتيجة نقص في انتاج بروتين معين او انتاج بروتين مشوه . يأمل العلماء في ايجاد طريقة لمعالجة مثل هذه المشكلة ، وقد بدؤا فعلا في مثل هذا الطريق ، باستخدام مستعمرات من الجراثيم المعدلة وراثيا لتعيش وتتكاثر في الاحشاء ، منتجة انواع بروتينية محددة ، من دون احداث اي تاثيرات جانبية سيئة تكون مرافقة لهذه الجراثيم . وستعالج مثل هذه الادوية المشاكل السابقة بالاضافة الى معالجة امراض يكون السبب الرئيسي فيها هو عدم انتاج البروتينات بالكميات المناسبة او بسبب تأخر انتاج مثل هذه البروتينات . من الامراض التي سيكون هذا العلاج املا جديدا في علاجها ، مرض كرون الذي يصيب في اغلب الاحيان الامعاء الدقيقة ويكون بشكل تقرحات عميقة في السطح الداخلي للامعاء ، وكذلك مرض القولون التقرحي ، وبعض الامراض المناعية الاخرى التي تنشأ نتيجة خلل في الجهاز المناعي ، بالاضافة ايجاد طريقة جديدة لايصال الانسولين ، الذي لايمكن اعطاءه عن طريق الفم بسبب تحطمه في الجهاز الهضمي . والبكتريا المستعملة في هذا النوع من العلاج هي من نوع لاكتوكوكاس ، تستعمر امعاءنا بشكل طبيعي ، ويتم تنميتها في المختبرات الخاصة بمعامل الالبان ، لاستعمالها في انتاج اللبن والجبن .
الطعام العلاجي
مثلت عملية انتاج الدواء باستخدام الكائنات الحية الدقيقة ، البكتريا ، والتي سميت التقنية الحيوية ( Biotechnology ) ، نقلة نوعية هامة جدا في عملية انتاج الدواء . وقد فتحت ابوابا هائلة لتطور عملية انتاج الدواء ، مفتتحة الامر بالانسولين ، احد اعظم الاختراعات في القرن الماضي ، ومن ثم الانترفيرون ، الخاص بالمناعة ، والايبوتين (Epotine) ، لانتاج خلايا الدم لدى مرضى الكلى ، والكثير الكثير من اللقاحات والادوية المناعية .
كانت هذه الخطوة الجبارة شمعة الامل التي اعطت العلماء افاق جديدة لانتاج الدواء. وقد بدأ العلماء بعد ذلك بالتفكير الجدي لاستخدام انواع حية اخرى لانتاج الدواء ، الا ان جهودهم هذه كانت تصطدم دائما بمشكلة تعقيد الخلايا في الكائنات الاكثر رقيا من البكتريا . الا ان ذلك لم يثني جهود العلماء الذي بدؤا بالفعل في تجارب عملية لانتاج الدواء باستخدام خلايا حية في الكائنات الراقية ، كالنباتات والحيوانات . لذلك فان المستقبل يبشر بخير في سبيل انتاج طعام علاجي ، يحتفظ بمحتوياته الغذائية بالاضافة الى المواد الدوائية الفعالة . ربما ياخذ البعض ان ذلك ربما سيكون له اثار اخرى تتعلق بالتغير الحاصل في جينات الكائنات الحية المنتجة للدواء ، والذي قد يعود بنتائج سلبية في المستقبل ، الا ان هذا الامر هو في قمة الاهمية الذي يضعه العلماء العاملون على هذه المشاريع في طرق عملهم .
وفي اطار هذه التقنية ، هناك العديد من التجارب الواعدة ، منها صنف جديد من الموز له القدرة على انتاج لقاحات مضادة لالتهابات الكبد الوبائى و الكوليرا ، و يرجع اختيار الموز لهذا الغرض لانه يؤكل نيئاً مما يمنع تفكيك مادة اللقاح ، كما انه يتمتع بطعم مستساغ مما يجعله الانسب لاحتضان اللقاح ، وقد اشارت الدراسات الى قرب انتاج مثل هذا اللقاح حيث تم الحصول على مؤشرات ايجابية في فئران التجارب. كما ان هناك تجارب اخرى تعمل على اضافة مضادات حيوية من اصول نباتية لمنظفات الاسنان لمحاربة التسوس . بالاضافة الى تجارب واعدة اخرى تعمل انتاج العديد من اللقاحات باستخدام الذرة ، ومنها لقاح الالتهاب الكبد الوبائي ، وكذلك استخدام نباتات التبغ والطماطم لانتاج مضادات فيروسية ، كمضاد فيروس سارس الذي مازال العمل جاريا عليه حاليا . ويرى بعض العلماء ان مستقبل انتاج الادوية سيكون معتمدا بشكل مباشر على الكائنات الحية ، حيث سيعمل العلماء على تكوين معامل حية لانتاج الدواء .
الفيروسات كنواقل الدواء
راود العديد من العلماء فكرة استخدام الكائنات الدقيقة كنواقل علاجية ، وقد رشح معظمهم الفيروسات لهذه المهمة ، لما تمتاز به من قدرة على اختراق الخلايا الحية ، من دون ان تعترضها الخلايا المناعية في كثير من الاحيان . وسيكون لمثل هذه التقنيات مستقبل باهر ، وخصوصا في علاج الامراض السرطانية ، بسبب الحاجة لقتل الخلايا السرطانية من دون الحاق الاذى بالخلايا السليمة ، والذي يعني انه سيقلل من الاثار الجانبية السيئة للادوية السرطانية . ويحاول العلماء الوصول الى ذلك عن طريق تدمير الخواص المسببة للمرض التي يحملها الفيروس ، والقدرات التكاثرية للفيروسات ، لمنع تكاثرها وتسببها بالمرض ، والاستفادة منها كناقل متميز فقط . بالاضافة الى اضافة بعض الخواص الجديدة التي تعمل على تسخير مثل هذه الفيروسات للوصول الى هدف محدد واحد ، وعدم الانتشار في غير اماكن الهدف المطلوبة .